Saturday, April 28, 2007

عندما تشتعل القلوب - الجــــــزء الثاني


الجــــــــزء الثـانــــــــي

كان يسير هذه المرة بحزم شديد، كمن عنده النيه لفعل شيء ما، وقد كان محقاً، فقد مر حتي الآن ما يقرب من شهر ونصف، ولم يستطع فعل شيء سوي القليل من النظرات التي يخطفها علي استحياء، ولكن ماذا بعد، انها تبادله نفس النظرات، ماذا ينتظر، لا يعلم ما الذي حدث له، شيء ما بداخله يدفعه إلي التعرف عليها، وشيء آخر بداخله أيضاً يأبي ذلك، ولكن لا، لقد أخذ قراره اليوم، سيكلمها اليوم، وإن لم يفعل فلن ينظر إليها مرة أخري، الفرصة متاحة اليوم، والظروف معه، فهي لم تتكلم مع أحد من الشباب حتي الآن، ولكن مهلاً، الا يعني هذا أنها لا تتحدث إلي شباب علي الإطلاق، من المحتمل أنها تصده، لا لا، نفض الفكرة عن ذهنه، فقد أخذ قراره في الصباح، ولن يتراجع عنه أبداً



كيف سأفعل هذا، لم يكف عقله عن طرح السؤال، وهو في طريقة إلي المدرج لحضور المحاضرة، تمني من أعماقه أنها تأتي لتكلمه، ولكن كيف، أحس بالخجل من نفسه عن تلك النقطة، وتذكر أنه هو الرجل وهي الفتاه، لم يستطع الإجابة علي السؤال، لذا فقد تأكد للمرة الألف من ضبط ملابسه وعدل من تسريحه شعره، ثم دخل المدرج



كانت جالسة، كعادتها، هائمة، عينيها مليئة بتلك النظرة الفارغة، كنظرة الأطفال، كانت متوترة قليلاً، فقد كانت جالسة وحدها - لأول مرة تشعر بالغربة والوحدة ، فقد تغيبت صديقتها المقربة، وباقي صديقاتها بالكافيتريا، زال توترها مع الوقت ومع تفكيرها في والدتها، فقد تركتها في الصباح متعبة قليلاً، عند هذه النقطة تذكرت ان تخرج التليفون لتكلمها، كي تطمئن عليها و.........."فيه حد قاعد هنا"



انتفض جسدها وقطعت حبل أفكارها، ونظرت بذعر إلي المتحدث، الذي شعر بهذا علي ملامحها، فانتابه توتر، زاد علي توتره أكثر فأكثر، وقد ندم علي ما فعله، وراوده شعور بالرغبة في الفرار من هذا الموقف، ولكن لا، يجب ان يتماسك، فقد اخذ الخطوة الأولي ولا مجال للتراجع الآن، حاول أن يهدأ ويصلح من الموقف وقال بكلمات حاول أن يجعلها هادئة، ولكنها خرجت رغما عنه متوتره "صباح الخير...آسف إذا كنت خضيتك"



انتبهت في هذه اللحظة أنها لم ترد عليه حتي الآن، وقد عرفته، إنه هو - الشاب الذي ينظر إليها تلك النظرات الغامضة يومياً - ماذا يريد، الم يجد سوي ذلك اليوم، تمنت لو أن صديقتها بجانبها، تمنت لو الموقف غير الموقف، والزمان غير الزمان و....."انتي كويسة"، قاطعها كلامة للمرة الثالثة، ومرة أخري انتبهت أنها لم ترد عليه حتي الآن، وشعرت بالإحراج، تنحنحت قليلاً ثم قالت "صباح النور" ... احست ان جبلاً انزاح من عليها مع نطقها بهذه الكلمة، رغم انها خرجت تحمل الكثير من توترها



شعر بكل التوتر الذي تحمله ملامحها، رغم احتفاظها برقتها وملائكيتها، ومرة أخري راوده شعور بإنهاء الموضوع والجلوس في أي مكان آخر، وكأن شيء لم يحدث، وبالفعل أخذ القرار و....."اتفضل، مفيش حد قاعد هنا"، قاطعته بتلك الجملة، التي بدت له بزورق النجاة الذي انقذه من الغرق، اخرج منديل وجفف عرقه، ثم جلس



دقائق مرت كالدهر من الصمت، كان يريد أن يقول أي شيء، ولم يجد، تمني أنه لو جلس طوال الليل يحضر ماذا يقوله، وندم أشد الندم علي عدم فعل ذلك، حاول أن يختلس النظر إليها، لعله يجد أي شيء يتحدث فيه، ولكنها كانت تضرب ارقام التليفون، اعتقد انها تكلم صديقاتها، فقد شعر بالإستغراب لانها جالسة اليوم وحدها، فكر أن ينتظر بعد انتهاء المكالمة ويسألها عن مواصفات التليفون، ولكنه وجد الموضوع سخيفاً، ستقول عنه أنه هايف من أولها، لا - يجب أن يجد موضوع آخر



انهت المكالمة ووضعت التليفون في حقيبتها، وعادت إلي تلك النظرات الشاردة، فقد اطئمنت علي أمها انها بخير، هي الآن تنتظر صديقاتها حتي يعودوا من الكافيتريا و..."هوه الدكتور اتأخر كده ليه"، مرة أخري انتفضت، ونظرت إليه، وقد لاحظت في عينيه الندم الشديد علي هذه الإنتفاضه، وعذرت ذلك فيه، بل أعجبها ذلك إن صح القول، وانتبهت أنها لو تأخرت في الرد هذه المرة فلعله يبكي، فقد تحولت ملامحه إلي ملامح الطفل المخطيء الذي ينتظر عقاب والديه، وقد شدتها هذه الملامح وردود الفعل البريئة، فردت في سرعة "مش عارفه، يمكن مش جاي النهاردة"، أومأ برأسة دليل علي تفهمه الموقف، وقد أحس بسخافة الموقف وصعوبته، ولكنه وجدها مادة جيدة للكلام، وقد زاد معدل الثقة عنده بعد شعوره أن ذكاءه الهمه بهذه المادة الرطبة، فقال وقد زال التوتر عنه "مش عارف بس انا حاسس اني مش بفهم منه"، كان يعلم ان الدكتور شرحه رائع وكان بالفعل يفهم منه، ولكن كانت مجرد مقدمه لفتح طريق للحديث معها



قالت "ليه ده كويس قوي والناس كلها بتشكر فيه"



قال "يمكن انا اللي فهمي مش اد كده بقي"



قالت في محاولة لتوضيح انها لم تقصد ان تخطأ فيه "لا والله انا اسفه مش قصدي، انا اقصد انه كويس يعني"


قال وقد تفهم محاولتها وقد لاحظ انها تحمل كشكول محاضرتها "انا عارف انه كويس، بس يمكن عشان انا مش بكتب وراه"، مره أخري شعر بالذكاء لقوله تلك العبارة، فالبتأكيد هي تكتب وراه، وسوف تعرض عليه تصوير الكشكول منها و...."انا ممكن اديلك كشكولي تصوره، انا كاتبة وراه كل المحاضرات"، شعر بالفخر نتيجة نجاح الخطة ولكنه لم يرد ان يوضح ذلك فقال "لا لا شكراً، انا مش عايز اتعبك معايا"



قالت له في سرعة "لا مفيش تعب والله، ولا انت بخيل ومش عايز تدفع في التصوير"، ادرك دعابتها وتبادلوا الضحكات، وقد احس عند هذه اللحظة انه يملك العالم



شعر بنشوة غريبة تسري في جسده، فقد كللت مهمته بالنجاح، بل وارتاح لها اكثر، وشعر ذلك في عينيها، شعر انها ارتاحت له كما ارتاح لها، وكان ذلك اهم ما في الموضوع، وهي أيضاً، شعرت براحة غريبة معه، وقد زال احساسها بالغربة اثناء الحديث معه، افترقا بعد المحاضرة، مع تبادل التحيات من نوعيه التشرف بالتعارف والفرصة السعيدة وإلي آخره، واتفقا معاً علي ان يحجزا لبعض غداً وكانـــت هـذه بــدايــة التعارف و.......................وبـــدايـــــــــة النـــــــهايــة


Wednesday, April 25, 2007

عندما تشتعل القلوب - الجــــــزء الأول


الجــــــزء الأول


كان يسير في حرم الجامعة، يشعر بقليل من الإضطراب، إنه حديث العهد بهذه المرحلة، وحيد - حتي الآن - تذكر وهو يسير أيام الثانوية، بالطبع تختلف اختلاف كلي عن هذه المرحلة، فالمرحلة الجامعية لها خصوصيتها وقواعدها، يجب ان يعتاد هذا وهو في بداية ايامه في السنة الأولي، تذكر كيف كانت طريقة التحاقة بالكلية - كلية الحاسبات والمعلومات - لم تكن حلمه في الواقع، وإن صح القول لم يكن له حلم، فهو لم يشغله يوماً أن يدخل الكلية الفلانية أو ما شابه ذلك، كان كمن مثله في ذلك الوقت، أمامه كلية الهندسة، ولكنه لم يرغب يوماً في الإلتحاق بها، كان أقصي تقديره أن يحصل علي مجموع مرتفع بالثانوية، بعد ذلك سيتيح له المجموع مجموعة من الكليات، ولكن وسط تأييد أبيه، وسمعه كلية الحاسبات في ذلك الوقت، فقد كانت من الكليات الجديدة صاحبة المستقبل المتوقع، فوافق علي الإلتحاق بكلية الحاسبات



انقطع حبل افكاره، وهو ينظر إلي مجموعة الشباب بالجامعة، كانت كل مجموعة تجلس منفردة، يتبادلون الضحكات والحكايات، تجول بعينيه بينهم، وانطلق سؤال من داخله، هل سيصبح مثلهم يوماً ما - أكيد - ولكن كيف، فهو في داخله لم يكن يعجبه نظرة الشباب للجامعة والعازل الذي زال بين الشاب والفتاه، ومرة أخري انقطعت نظراته، أو توقفت - عندها - فتاة كانت تجلس مع صديقاتها يتبادلن الضحكات، شعر برعشة تسير في جسده، وارتسمت علي وجهه للحظة علامات الذهول، كيف سارت هذه الرعشة إليه، تذكر أيام الثانوية، وكيف كان وقتها عنده من الجرأة ما يكفيه ليقدم علي الكلام مع أي فتاه، حتي ولو كانت الأميرة ديانا نفسها، زالت أثار الذهول بسرعة، ولكنه استمر في النظر إليها



كانت فتاة رقيقة، جميلة، هادئة إلي حد ما، لها ضحكة ملائكية، أو هكذا رأها هو، لا يعلم الشيء الذي لفت انتباهه إليها وسط هذا الحشد من الفتيات، ومع استمرار النظر، لاحظت الفتاه انه ينظر إليها، فرفعت رأسها إليه، وتلاقت عينه مع عينها، هذه المرة شعر بكهرباء شديدة تسري في جسده باكمله، ارتجف جسده مع نظرة الفتاه الفارغة إليه، أنزل عينيه عنها بسرعة شديدة، ودار علي عقبه بخطا سريعة، وانطلق نحو المدرج



لاحظت الفتاة تلك الإنتفاضة التي لاحت علي الشاب عندما نظرت إليه، ولكنها لم تبالي كثيراً، فاكملت مع صديقاتها تبادل الضحكات، مع تحفظها علي ذلك الموقف الغريب، ولكنها قامت مع صديقاتها وذهبت إلي المدرج لحضور المحاضرة الأولي لها و.....وله



لحظــــــــة أيها القاريء...لا تتوقع مني كثير من التفاصيل، فانا لن اكتب قصة حياة الشاب والفتاه...ولكن سأركز فقط علي البداية وقليل من التفاصيل و.........والنهاية