Wednesday, April 11, 2007

حـــلــــــــــــــم

أما قلت يا قلب أنك إذا ما تبت عن حب العراق تتوب
فها أنا تائب عن حب العراق فمالك علي ذكر العراق تذوب
-----------------------------------------------------------------------------------------------
إنها الثالثة بعد منتصف الليل، شوارع مدينة الفلوجة العارقية قد خلت من المارة بعد الحصار الذي طوقت به قوات الاحتلال المدينة، والدماء التي اريقت انهاراً بينها وبين المقاومة، كنت اجلس في شرفة منزلي، والقي نظرة بائسة علي الشوارع الخالية في محاولة مني لقتل الوقت، وفي انتظار صلاة الفجر، كان كل شيء يسير كما هو معتاد - الليلة مثل الليلة السابقة - وكان قد بدأ يغلبني النوم

وفجأة رأيت ظل يتحرك في الظلام، بدأت ادقق النظر وقد طار احساس النوم من عيني، انه فعل ظل، بل انه امرأه، وتحمل شيء علي صدرها - في مثل هذا الوقت!!، وكانت قد بدأت بالاقتراب من منزلي

توقفي
...انطلق هذا النداء مني، تجمدت اطراف المرأه ونظرت إلي في ذعر، وضمت الشيء الذي تحمله أكثر إلي صدرها، قلت وانا احاول ان اطمنئها: ما الذي دفعك إلي الخروج في هذا الوقت يا أمي، ألا تعملي خطورة الظروف التي نحن بها، تلفتت حولها وقالت لي في ذعر: ابني مريض يا بني وابحث عن اي صيدلية او عيادة طبية، كان واضح من ملامحها انها في اوائل الخمسين من عمرها، فقلت لها: ولكن يا امي انك تعرضين حياتك للخطر، قالت وقد اكتسي صوتها بكثير من الصرامة: افضل تعريض حياتي للخطر علي تعريض حياتي ابني للخطر، هنا شعرت بثقل مسئوليتها فقلت لها بنفس النبرة:
انتظري سوف آتي معك

وفي خوف واضطراب كنت أسير انا وتلك المرأه العراقية التي ضمت صغيرها إلي صدرها بشدة، ونحن نسير في خطوات سريعة عصبية بمحاذاة جدران المنازل باحثين عن أي صيدلية أو عيادة طبية لإسعاف الصغير
كنت اعلم تماما انني اجازف بالخروج معها في ذلك الوقت ومثل هذه الظروف، نظرت إلي المرأه المسكينة، كان حالها أسوأ مني، لم تكن تدري ما إذا كانت ستظفر بهدفها ام لا،، إلا أن ذلك لم يؤثر في عزيمتها، ورحنا نقطع الطرق من حي إلي حي و

توقفا
...انطلق النداءالصارم بلغة عربية ركيكة، وبلكنة امريكية واضحة، فتجمدت أطرافي كلها، واتسعت عين المرأه في رعب، وضمت صغيرها إلي صدرها أكثر، كانوا أربعة من الجنود الأمريكيين وقد صوبوا إلينا مدافعم الآلية في تحفز واضح وقال قائدهم في عنف:
من أنتما وماذا تفعلان هنا؟

كان يتقدم نحونا في تحفز شديد، حاولت أن اجيبه ولكن الكلمات وقفت في حلقي، صرخ هو: اجيبا، حاولت ان استجمع ما بقي مني من شجاعة، وقلت محاولا تبسيط الموقف:
ابنها مريض ونبحث عن

هراء
...قاطعتني صرخته، وهو يندفع نحوي بمدفعه الآلي، تراجعت المرأه في ذعر والتصقت بالجدار، لم اتمكن من فعل اي شيء، وقائدهم يواصل: من أدراني ان ما تحمله المرأه طفل، علي الرغم من خوفي قلت له في دهشة: وماذا يمكن ان يكون، اجاب الرجل بكل وحشية: متفجرات، اقترب احدهم من المرأه في عصبية وقال: اكاد اجزم انها متفجرات، اي طفل هذا الذي يظل ساكنا طوال هذه الفترة، قالت المرأه في ذعر: اقسم انه...قاطعها قائدها وهو يدفع مدفعه في وجهها: اعطني هذا الشيء، شهقت المرأة وقالت: أي شيء؟ صاح الرجل بكل شراسة:
المتفجرات

انتابني قلق شديد في هذا الموقف ووجدت نفسي اقول: ليست متفجرات...انه طفلها...انه مريض، و...قاطعني بضربة مدفع علي وجهي القتني مترين إلي الخلف، وصرخ صرخة شديدة: اعطيني اياها ايتها المرأه، ارتجف جسد المرأه وهي تصرخ:
لا..لا..انه طفلي

اندفع الجنود الأربعة نحو المرأه في عنف، وكنت اشعر بصداع شديد واغماءه في طريقها إلي، وبدا وان الجحيم قد فتح أبوابه كلها واندفع الجنود لينتزعوا منها ابنها وهي تضمه إلي صدرها اكثر وتصرخ:
لا..لا..اتركوا طفلي..اتركوه
وارتفعت فوهات المدافع الآليه نحو وجهها، بكل شراسة ووحشية، اغلقت المرأه عينها علي دموعها الغزيرة، صارخة في ضراعة وانهيار: اتركوه

كنت اتوقع رصاصاتهم في اي ثانية، انهم لا يقيمون وزنا لأي مشاعر او قواعد، ولا يترددون لحظة في قتل اي شخص يعترض طريقهم، سيقتلونها حتما، وسينتزعون طفلها و ... ولكن لا

انتفضت من غيبوبتي وقمت صارخاً: لا .. لن اسمح لكم، التفت إلي الجنود الأربعة، واطلقوا رصاص مدافعهم نحوي، لحظة، انا لا اريد ان اموت، دققت السمع، نعم انه صوته، انه صوت الرصاص الذي اسمعه يوميا في التلفاز ولكن...مهلا، انه ليس رصاص مدافع، ما هذا الصوت - انها دقات موسيقي، انا اعلم هذا الصوت، انه تامر، تامر حسني !!! اين انا

استيقظت من نومي لأجد نفسي في غرفتي، علي سريري، وقد استلقي صديقي علي السرير المقابل لي وهو يدندن بشغف وهيام مع الحان اغاني شريط تامر الجديد وقد ضم الكاسيت إلي صدره

نظرت إليه في حسرة، ونظرت إلي نفسي، وتخيلت صورة المرأه العراقية في خيالي وانا اكاد ابكي، شديت الغطاء علي نفسي، وكملت نوووووووم

Tuesday, April 10, 2007

مــاذا لو أصبحت أنت رئيس الجمهـــوريـة

جاء علي ذهني ... ماذا لو أصبحت أنا رئيس الجمهورية ... ماذا أريد لهذا البلد؟؟؟؟

ما هي الاشياء التي سأحاول ابعادها والتي سأحاول إيجادها، ما هي الأشياء التي سأفعلها لكي - علي الأقل - أحقق كل ما كنت أتمناه أنا كمواطن مصري؟

وبالفعل ورد علي ذهني بعض الأفكار، ولكن - آه من لكن - يوجد في مصر أكثر من 70 مليون مواطن، هل كل منهم لديه أفكار مختلفة عن الآخر - غالباً - هل لو حققت أفكاري بنجاح، سيقابل هذا النجاح فشل أفكار أناس آخرين؟؟؟؟
لذلك فكرت في أن أسأل أصدقائي - من باب العلم بالشيء طبعاً، فلست أنوي ترشيح نفسي للرئاسة - ما هي الأشياء التي يريدونها لهذا البلد، ماذا لو أصبحت أنتَ أو أنتِ رئيساً للجمهورية، ماذا ستفعلون؟؟
في عرض سريع لردود الناس - وباختصار شديد - نجد أن معظم الأفكار التي تم سردها تتلخص في رؤية واضحة وفعلية لهموم ومشاكل البلد المعاصرة من - الفساد الواضح، البعد عند الدين، البطالة، الأسعار، المواصلات، الفقر...إلخ

لذلك ومن خلال تحليل صغير وبسيط لهذه الأفكار، وجدت أن معظم المشاكل السابقة تتخلص في طبيعة النفس البشرية للمواطن المصري ومدي قابليتها للفساد ولأكون صريح، حلها لا يحتاج إلي رئيس جمهورية، بل يحتاج إلي رئاسة حكيمة للنفس البشرية - يعني ايه!!؟

أقول لكم يعني ايه - بنظرة قريبة داخل المواطن المصري، نجد أن الفساد يملأه من الداخل ومن الخارج وقد تشبع وأشبع به، فطبيعة النفس أصبحت تميل إلي السيء، وهنا الكلام علي الأغلبية - فأعرف أن ليس كل الناس كذلك، ولكن يوجد قاعدة تقول "النادر لا يؤخذ به" - كيف هذا إذن، سأشرح لكم

كثير من المفاسد في مجتمعنا تجد أنها ترجع إلي أفعال المواطن نفسه، فهو بداخله خبث وفساد وهذا يظهر جلياً في ردود أفعاله وتصرفاته، فعلي سبيل المثال وليس الحصر الآتي

زيادة في سعر البنزين يقابلها زيادة في أجرة المواصلات - أمر طبيعي - ولكن الغير طبيعي المبالغة في زيادة سعر الأجرة ولو تم حسابها رياضياً كنسبة وتناسب بين الزيادة في سعر البنزين والزيادة في سعر الأجرة نجد أنها أكثر من 14:1 ... بالله عليكم هل يعقل هذا

الإنفتاح - قوبل الإنفتاح في مصر بموجه من الإعتراض وأنه أحد أسباب تراجع مصر اقتصاديا - والإنفتاح فيه السيء وفيه الجيد - ولكن هل نظرنا إلي كيفية استغلال المواطن المصري لهذا الإنفتاح - أسوأ إستغلال - هل لنا أن نقارن بين نتائج إنفتاح دولة كالصين مثلاً ونتائج إنفتاح دولتنا - كيف وصلت الصين إلي هذا الحد من النجاح ولم نصل نحن، ذلك لأنهم أجادوا إستغلاله أما نحن فلا - هذا يرجع إلي مدي قابلية النفس المصرية لتقبل الجزء السيء من الإنفتاح وغض البصر عن الجزء الجيد - هم قابلوه بحسن إستخدام ونحن قابلناه بسوء استخدام

هروب رجال الأعمال المتكرر بأموال البنوك وأموال الشعب إلي الخارج، ما هو إلا صورة من الصور القذرة للنفس البشرية القبيحة

العمارات التي تسقط يوم بعد الآخر - العبارات التي تغرق بين الحين والآخر، ما هي إلا صور من الصور القذرة أيضاً لنفس أصحابها وللمهندس الباني أو المصمم للعمارة أو للعبارة

الكوسه - المجاملات - الرشاوي - الاحتكار و ... و ... إلي آخره من فسائد المجتمع، يرجع هذا كله إلي الفساد الداخلي لنفس المواطن المصري

قال أحد المشايخ - في الماضي كانت توضع الصدقة في منديل ثم يوضع في مكان عام ، وكان يأتي كل مسكين ليأخذ الذي يكفيه فقط ويمضي ثم يأتي الذي بعده وهكذا - الآن - لو وضعتها لتم أخذها كلها - بالمنديل - ومن شخص غير محتاج أساساً

تلخيصاً - لقد ضُيعت الأمانة، لم يعد لها وجود إلا نادراً، أصبحت كلمة خرافية أو أسطورية - وقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "إذا ضُيعت الأمانة فانتظروا الساعة" ... يا رب سلم
لــذلـــــك، عندما يبدأ الناس بإصلاح أنفسهم من الداخل أولاً، ساعتها يبقي فيه كلام - وقتها سيكون عندهم قابلية أكثر لتقبل الإصلاح - وقتها ممكن نبقي حاجة تانية بجد