الجــزء الســادس...والأخــير
جففت دموعها، وهي ترقد علي فراشها، متخيلة صورته في ذهنها، فقد ودعته منذ ساعات وهو يستقل الطائرة في طريقه إلي المملكة العربية السعودية، لم تكن تحتمل فكرة فراقهما مدة ثلاثة أشهر، هي المدة التي سوف يقضيها في عمله هناك، لم تكن تحتمل فكرة الفرا
ق من اصله، كانت تحبه، تحبه بحق، كانت تري هذا الحب في عينيه، في كلماته، في نظراته، كانت تشعر به في كل تعاملاته معها، راحت تسترجع لحظات وداعهما عندما تطلع إلي عينها كثيراً، دون أن يتكلم، ولكنها شعرت به يتكلم، أو غن جاز التعبير، شعرت بعينيه تتكلم، ثم ذهب إلي طائرته وانطلق، وانطلق قلبها معه
تذكرت أنه كان يريد ان يتقدم لخطبتها قبل سفره، ولكنها رفضت، واصرت علي عمل الخطوبة بعد عودته من السفر، حتي يتفرغ لها هي فقط، ويكون في نفس الوقت قد انهي عمله، وصفل لها ذهنه، ولكنها ندمت، شعرت انها تسرعت في الرفض، فاسبلت جفنيها، وهي تحتضن صورته في خيالها، و.......ونامت
لم تدري كم نامت، ولكنها شعرت فجأة بضرورة أن تستيقظ، شيء ما داخلها دفعها إلي الإستيقاظ، وعندما فتحت عينها، رأته أمامها، بوجه الوسيم، ونظرته الحنونة، كان ينحني نحوها وعينيه تحمل نظرة حب وحنان، وكان مبتلاً، أو هكذا بدا لها، كانت خصلات شعره ملتصقه بجبينه، كما لو كان قد انتهي من الاستحمام، حاولت ان تبتسم، ان تهتف بدهشة لعودته، ولكن لسانها كان ثقيلاً، وجسدها كان أثقل، ولم تملك سوي التطلع إليه، ولكنه فتح شفتيه، وقال بصوت عميق: بحبك، انتفض قلبها في قوة، اغرقت عيناها بدموع السعادة، وهي تتطلع إليه، فقال في حنان: متبكيش، دي دموعك غالية عندي قوي، حاولت أن ترد عليه، ولكن فجأة انفتح باب غرفتها بقوة، ودخلت امها، واختفي هو
نظرت إلي أمها في دهشة، وايقنت أنها كانت تعيش حلماً ... حلماً جميلاً، فقالت في صوت متثاءب: في ايه يا امي؟!، اتاها صوت امها يقول في جزع وحزن: الطيارة وقعت في المحيط، هبط عليها الخبر كالصاعقة، وخيل إليها أن قلبها قد توقف عن النبض، واتسعت
عيناها في ذعر وذهول، وتجمعت فيها دمعة هائلة، اختنقت بين عيونها، كما اختنقت تلك الصرخة في حلقها وهي تقول: وقعت؟! هتفت أمها في مرارة: وقعت و....وغرق كل ركابها، اخترق الجواب قلبها كخنجر من نار، ونسف أملها نسفاً، وانتشر في قلبها وعقلها وأعماقها، ووقعت عينها علي بقعة المياة التي تبلل أرضية الغرفة إلي جوار فراشها تماماً، بالتحديد عند النقطة التي كان يقف فيها منذ لحظات، هنا انهارت تماماً، انهارت باكية وراحت تهتف في ألم: لا...لا...الطيارة موقعتش، هوه قالي انه راجع، اندفعت امها تحتضنها في جزع، وهي تهتف: لا إله إلا الله ... لا إله إلا الله، تجمدت مشاعرها كلها، وبدا صوتها شديد الإرتجاف وجسدها يرتجف بعنف وهي تهتف: يا ماما قالي انه مش هيسبني، هيرجع، ارجع .. ارجووووك، انتفض جسدها كله في عنف، ، هنا لم تنطق بكلمة، لقد ضاع أملها وقلبها وحلمها، ضاع منها ذلك، الذي أحبته بكل مشاعرها، خفق قلبها بين ذراعي امها، وسقطت...سقطت فاقدة الوعي، فقد ضاع.................ضـاع الرجـــــل

