Tuesday, May 1, 2007

عندما تشتعل القلوب - الجــــــزء الثالث


الجـــــــزء الثـــالـــــــث


إنها نهاية السنة الثالثة، كان يجلس في الكلية، وكانت هي أمامه، لاذ بالصمت التام، وبدا وكإنه انفصل تماما عمن حوله، وعيناه تتطلعان إلي الأفق، في صمت عميق، ولقد طال صمته، وطال، وطال...ولكنها لم تنطق، راحت تراقبه في اهتمام مليء بالقلق والتعاطف، وكإنها لم تراه أبداً علي هذه الحالة، كان قلبها يبكي من أجله، ويتعذب، وانطلقت دموع قلبها في عروقها، تمنت لو أنها استطاعت أن تنقل كل أحزانه إليها، لتراه مبتسماً كما كان





فمنذ أن توفي عمه - وكان أقرب إنسان إلي قلبه بعد أبيه - كانت تشعر أنها لا تجلس مع ذلك الشاب الذي تعرفه، إنه الآن شخص آخر، شخص تبتسم شفتاه علي الرغم من الحزن الذي يفيض من عينيه، كم تحبه، كم تتعذب من أجله، وبكل حب وحنان تطلعت إليه في صمت، وقلبها يخفق من أجله، ويخفق، ويخفق، و........"انت عارفة ان ده أول مكان كلمتك فيه"، نطقها فجأة وهو يواصل التطلع إلي الأفق، فانتفض جسدها، كانت كلماته توحي بإنه يستعيد ذكري سعيدة، علي الرغم من الحزن الذي لم يفارق عينيه، فقالت في هدوء "آه طبعا فاكرة...هي ده حاجة تتنسي"، تطلع إلي عينيها في صمت، قبل أن يجيب في صوت دافيء: فعلاً





ارتجف جسدها ارتجافة دافئة عجيبة، وهي تحاول أن تهتف باسمه، ولكن لسانها عجز عن النطق به، ولكنه واصل حديثه وكإنما يحدث نفسه "انا حاسس اني ضيعت وقت كتير، في متاعب ومشاكل، حتي اني نسيت نفسي"، مرة أخري مرت ارتجافة صامتة في جسدها، ودق قلبها بشدة، حتي ظنت انه يسمع دقاته، وارتفعت الدماء إلي وجهها، فصبغه بحمره، زادت من جمالها، وحاولت أن تقول شيئاً، أي شيء......ولكن عجزت الكلمات عن الخروج، وتطلعت إليه في لهفة، وتسائلت إذا كان سيقولها أخيراً





أما هو، فقد صمت لحظة، اختلطت خلالها ذلك الحزن المطل من عينيه، بفيض من الحنان والحب، قبل أن يقول بصوت حمل دفيء الدنيا كله"انتي انسانة كويسة اوي، جدعة، وانا حاسس اني....."، وفجأة، وقبل أن يكمل عبارته، ارتفع صوت الموبايل، ارتفع لينتزعهم من بحر المشاعر، حتي انها انتفضت بشده، وهي تطلق شهقة بصوت مرتفع، واعتدل هو في جلسته، وتمنت هي لو أنها تخرج الموبايل وتكسره إلي ألف قطعه، تمنت لو أنها لم تحضره معها اليوم، تمنت لو......."مش هتردي"، قالها ومرة أخري انتفضت بشده، وقالت وهي تخرج الموبايل وقلبها يدق بقوة: انها أمي





راقبها وهي تستمع إلي امها، وانتظر إلي ان انهت المكالمة وقال لها بنفس الصوت الدافيء "خير"، شعرت بإرتجافة جديدة وهي تنظر إلي عينيه مباشرة، وهي تقول "عايزاني ارجع البيت دلوقتي"، فنهض في حزم قائلاً"ماشي...يالا علشان اوصلك"، نظرت إليه نظرة عميقة، حاولت بها ان تغوص في أعماقه لتعرف ماذا كان سيقول، ولكنها فشلت أمام جدار الحزن الذي كان يطل من عينيه، ثم قالت بصوت خافت"اوك...يالا"، خطف نظرة سريعة إليها، وتخيل إليها شبح ابتسامة رقيقة ارتسمت علي وجهه، ودق قلبها، فتلك الإبتسامة حملت معاني كثيرة، ودق قلبها مرة أخري بقوة.................بــمنتهـــــي القــــــوة

No comments: